"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

19‏/4‏/2014

رائعة علي السوداني: لماذا قتلتم يوسف؟

غارعشتار
بقلم: علي السوداني
ألخليجيون العرب حائرون خائفون قلقون كأنهم على ريحٍ يقعدون . يتلفّتون ذات الشمال وذات اليمين وما بينهما ، كأنهم ألف حسين وحسين . يتهامسون ويتجاهرون فينقسمون ويتباززون ويتنابزون بالألقاب . ضربتهم عيون الناس فمرضوا وداخوا وحاروا حتى من كانت بيبانهم معمولة من سبع عيون . تحت يمينهم الجبل والوادي والسهل والصحراء وزمزم والواحة والعيون . يسوّرهم البحر حيث ولّوا وجوههم إلا من شمائل مفتوحة على باب العرب . لهم الذهب الأسود والأبيض والأصفر ، والزرع والماء المحلّى والهاطل من سماء ربٍّ كريم .

 في خاصرة أمّهم النجدية الحجازية ، يشعّ وينوّر قبر محمد العظيم ، الذي كان خلقَ دولةً عظمى وصل علمها وفهمها وفنها وشعرها وفقهها وفلكها ومعمارها وزرعها ورحماتها وعطاياها ، إلى أخير الكون القائم أيامها وسنينها المشعّات الذهبيات .
ألخليجيون متبلبلون مثل بلبلة أهل بابل ، وليلة الدخلة والمتعة التي وقعت بين أمريكا وإيران ، زادتهم حيرة ومعمعة وكشفتْ ظهورهم حتى شافوا أنفسهم وقد آلوا عراةً إلّا من بعض ستر المصادفة والآلاء النابتة بغير عناء . أرى إليهم الليلة الظلماء ، فأرى ما يرى الفتى الدربة ، عظيمَ قهر وجبل ندم ، إذ سوّلت لهم أنفسهم يوماً مريباً موحشاً ، فطرحوا أخاهم القويّ ، بلد ما بين القهرين أرضاً ، ثم شالوه ورموه رمية رجل واحد ببئر مظلمة ، كي تتقسّم حوبة دمهِ الطهور بين القبائل ، فلم يخلُ لهم وجه ابنة الماخور ، ولم تأتِ ناسٌ سيّارةٌ ، فتدلي بدلوها في بطن البئر ، فيصعد الولد الجميل الحسن البديع ، وتتموسق وتتدوزن الهلاهل على صيحة :
 يا بشرى هذا عراق .
كانت خزائنهم وما انفكت غاصّة بالذهب وبالدينار وبكل عقيق ثمين ، وهي تكفي لتبعيث بناتهم والأولاد في بعيثات تيمّمُ وجوهها صوب غرب الأرض وشرقها ، ليعودوا متأبطين سعيدين بما تيسر من طب وهندسة وفنّ ومن كل علم ينفع الناس عليها ، حتى إذا وصلوا إلى الديار الأم ، صلّوا عليها وسلّموا تسليماً ، وصيّروها جنة عرضها البحر والجزر والخلجان .
ناموا أربعين سنة حتى فزّوا فزيز ملدوغٍ بليل ، فوجدوا أنّ آل الأسد في الشام شيعة ، فهجّوا إليها خفافاً وثقالاً ، على ظهورهم قاذفات لهب وملغّمات عقل وصدر وهوى وسراب ، فلمّا بدّلت السمسارة الكذابة الحرامية أمريكا بوصلتها ووجهتها ، عادوا إلى صومعتهم نادمين آسفين خائفين من إياب أبنائهم المحاربين في الشام وما حولها .
ألخليجيون دائخون خائفون قلقون قاعدون قدّام شاشة يتلمّظ فوقها الذئب الأمريكي القذر ، ومع كلّ مطقة حارة يصيح بهم ، إنّ فوضاي الخلّاقة قادمة لا ريب فيها .
ألخليجيون يجاهدون في بلاد الأفغان وفي كوسوفو وفي الهند وباكستان وفي الشام ، لكن ليس في فلسطين التي سرقها لملوم الأرض ومقطّموها .
ألخليجيون وهم أهلنا والمنبع ، يؤجّلون الزرع والصنع والطب والذرة ، ويموّلون ربيعاً في الشام وآخر في مصر وثالثاً على شواطىء المتوسط البعيد ، ويغلقون الباب والشباك على مخادعهم ، فلا إبنة تسوقُ مركوباً ، ولا زوجة تستوزر كرسياً ، ولا أختاً تستشار بمجلس شورى أو قفص عدالة .
ألخليجيون ينفصمون كما لم ينفصموا من قبل .
هم اليوم بمواجهة السؤال الضخم الذي تمّ تأجيله ومحوه حتى من على مصطبة الإحتياط :
ماذا بعد النفط العزيز ؟
ألخليجيون أهل الجزيرة العربية والخليج العربيّ أباً عن جدّ ، ما زال في يومهم القائم ساعة استدراك واستدارة . إملئوا الآن أرضكم بالمعامل والمزارع ليكون خيرها وخراجها طعاماً طيباً تصنعه أياديكم القوية التي تشتغل مثل عبادة ودعاء مستجاب قبل يوم رمادة وقحط .
اخرجوا من ورطة التأريخ قبل أن يأكلكم الذئب والعرب عنكم غافلون .

هناك 3 تعليقات:

  1. من روائع النصائح لعرب لا تنفعهم نصائح الاخوة والحكماء في زمن لم تعد للنصيحة ثمن

    ردحذف
  2. أبو نؤاس الورد... لم نتحاور منذ أن تركتنا الكتاب من أجل الحرية حائرون لا نعرف أصلاً ماذا حدث لهم هل توقف الزمن عندهم فإنتقلوا الى فضاء اخر؟ كنت أحاورك بإسمٍ اخر في زمن اخر في فضاء اخر ولكن بالنفس والروح والالم ذاته. أرى إن الالم لا زال ثالثنا... ما عليك... أما النصائح، فإحدى إستنتاجاتي في الحياة هي ألا أنصح أحداً فما جائتني من نصائحي غير نظرات الشزر. والدليل...هل يسمع شعبنا العراقي النصائح حتى يسمعها منّا أناس باعونا بسوق النخاسة مع العبيد لجنكيس خان؟

    ردحذف
    الردود
    1. أخي العراق الى اين
      لا ادري إذا كان أبو نؤاس يقرأ هذه المدونة ليتفاعل مع تعليقك. ولكن لديه صفحة على الفيسبوك هذا عنوانها:
      علي السوداني

      حذف